1. حفظه ؛ وهذا المعنى ورد في قوله تعالى: { إن علينا جمعه وقرآنه } (1). أي حفظه في الصدور.
2. كتابته في السطور ؛ أي الصحائف التي تضم السورة والآيات جميعها (2).
الفرق بين الصحف والمصاحف :
1. الصحف جمع صحيفة ؛ والصحيفة : قطعة من جلد أو ورق يكتب فيه .
2. أما المصاحف : جمع مصحف والمصحف مفعل من أصحف أي : جمع فيه الصحف .
قال الحافظ: الفرق بين الصحف والمصحف: أن الصحف هي الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه كانت سوراً مفرقة ولكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفاً.. (3)
مراحل جمع القرآن ومزاياه والفرق بين الجمع وعهوده الثلاثة :
أولاً: عهد سيدنا النبي صلى الله عليع وسلم ؛ كان عبارة عن كتابة الآيات وترتيبها ووضعها في مكانها ا لخاص من سورها ؛ ولكن مع بعثرة الكتابة وتفرقها بين عسب وعظام وحجارة ونحو ذلك حسبما تتيسر أدوات الكتابة ..
ومزيته: زيادة التوثيق للقرآن ؛ وإن كان التعويل أيامئذٍ كان على الحفظ والاستظهار؛؛ يقول سيدنا زيد بن ثابت { كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع }..(4).
لماذا لم يجمع القرآن أيامئذ لا في صحف ولا في مصاحف ؟؟
أولها : أنه لم يوجد من دواعي كتابته في صحف أو مصاحف مثل ما وجد على عهد أبي بكر رضي الله عنه ، والتعويل لا يزال على الحفظ أكثر من الكتابة وأدوات الكتابة غير ميسورة ...
ثانيها : أن النبي رضي الله عنه كان بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله من آية أو آيات..
ثالثها : أن القرآن لم ينزل مرة ، بل نزل منجماً في مدى عشرين سنة أو أكثر ..
رابعها: أن ترتيب آياته وسوره ليس على ترتيب نزوله..(5).
ثانياً: عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه ؛ فقد كان عبارة عن نقل القرآن وكتابته في صحف مرتبة. الآيات دون ترتيب السور مقتصراً فيه على ما لم تنسخ تلاوته مستوثقاً له بالتواتر والإجماع ..
ومزيته : هو تسجيل القرآن وتقييده بالكتابة مجموعاً مرتباً خشية ذهاب شيء منه بموت حملته .
وحفاظه ..(6).
الأسباب التي دفعت سيدنا أبو بكر رضي الله عنه لجمع القرآن الكريم ؟؟
حينما ارتدت العرب واستشرى القتل بالمسلمين وخاصة يوم اليمامة وقد استحر بقراء القرآن ، جاء إليه سيدنا عمر رضي الله عنه وقال له : إني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القراءة والقرآن وإني أرى أن تجمع القرآن ؛ وظل يراجع سيدنا أبا بكر حتى شرح الله صدره لذلك ؛ فكان أول من جمع القرآن رضي الله عنه ..(7).
ثالثاً: عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه فقد كان عبارة عن نقل ما في تلك الصحف إلى مصحف واحد إمام مع ترتيب الآيات والسور مع الالتزام بلغة قريش دون غيرها من اللغات و القراءات فكان رضي الله عنه أول من جمع الصحف في مصحف وسمّي ( بالمصحف) وأمر بنسخه وتوزيعه على الأمصار .
وميزته: إطفاء الفتنة التي اشتعلت بين المسلمين حين اختلفوا في قراءة القرآن وجمع شملهم وبتوحيد كلمتهم و الحفاظ على كتاب الله من التغيير و التبديل ( .
من اختير لهذا الجمع في عهوده الثلاثة ؟؟
اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم كتابا للوحي فيهم الخلفاء الأربعة ومعاوية بن أبي سفيان وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وخالد بن الوليد وثابت بن قيس كان يأمرهم بكتابة كل ما يقول من القرآن حتى تظاهر حفظ القرآن في الصدور مع الكتابة.
وفي عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه اختير سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه وقد أرسل إليه سيدنا أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة وقال له { إني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن وإني أرى أن تجمع القرآن } يقول زيد { فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن }.
وفي عهد سيدنا عثمان أحضر الصحف التي كانت عند حفصة وأمر بنسخها فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وفيه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وأمرهم أن يكتبوه بلسان قريش لأنه أنزل بلسانهم ففعلوا ..(.
__________________________________
(1) سورة القيامة الآية 17 (2) الوحي والقرآن ص 137 (3) تحفة الأحوذي ج 1 / ص 448 (4) مناهل العرفان ص 36 - انظر الإتقان ج1/ ص 136 . (5) مناهل العرفان ص 224 - انظر أيضاً الوحي والقرآن ص 150 . (6) مناهل العرفان ص36 ـ الوحي والقرآن ص150 (7) الإتقان ج1ص164 انظر الوجيز في فضائل الكتاب العزيز ص163 ( الوحي والقرآن ص139ـ160..
المصادر و المراجع
1ـ الوحي و القرآن لـعبد الحميد سرحان ـ الهيئة لمصرية العامة للكتاب .
2ـ مناهل العرفان محمد عبد العظيم الزرقاني دار المعرفة ط 2 .
3ـ الإتقان في علوم القرآن ـ جلال الدين السيوطي ـ دار إحياء العلوم .
4ـ الوجيز في فضائل الكتاب العزيز ـ محمد بن أحمد الأندلسي القرطبي دار الحديث ـ تحقيق علاء الدين علي رضا.
5ـ علوم القرآن الكريم ـ الدكتور نور الدين عترـ مطبعة الصباح .
6ـ جامع البيان - محمد بن جرير الطبري ـ دار المعرفة .
7ـ تحفة الأحوذي محمد عبد الرحمن المباركفوري ـ دار الكتب العلمية .