موضوع: التفسير مبادئه ونشأته وأول من دوّنه الخميس 8 يناير - 19:42
بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير
مبادئه ونشأته وأول من دوّنه مبادئ علم التفسير:
التعريف: لغة: التفسير تفعيل من الفسر وهو البيان والكشف ، ويقال هو مقلوب السفر تقول أسفر الصبح إذا أضاء ، وقيل مأخوذ من التفسرة وهي اسم لما يعرف به الطبيب المرض (1) .
فالتفسير مأخوذ من الفسر الذي هو كشف المغطى (2) أو إظهار المعنى المعقول (3) وبين المادتين " الكشف " و " الإظهار " تلازم إلا أن الراغب أضاف أن الفسر يكون في بيان المعنى المعقول .
واصطلاحاً : يرى بعض العلماء أن التفسير ليس من العلوم التي يُتَكَلف لها حدٌ لأنه ليس قواعد أو ملكات ناشئة من مزاولة القواعد كغيره التي أمكن لها أن تشبه القواعد العقلية ، ويكتفي هؤلاء في إيضاح التفسير بأنه بيان كلام الله أو أنه المبين لألفاظ القرآن ومفهوماتها .
ويرى بعض آخر منهم أن التفسير من قبيل المسائل الجزئية أو القواعد الكلية أو الملكات الناشئة من مزاولة القواعد فيتكلف له التعريف فيذكر في ذلك علوماً أخرى يحتاج إليها في فهم القرآن كاللغة والصرف والنحو والقراءات وغير ذلك (4) .
فقد عرفه بعض العلماء كما نقل ذلك السيوطي في كتابه الإتقان بأنه :
علم نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ووعيدها وأمرها ونهيها وعبرها وأمثالها (5) .
فقد اشتمل هذا التعريف على علوم يحتاج إليها في فهم القرآن مذكورة بأسمائها وقد أجمل الزرقاني هذه العلوم (الأدوات) في تعريفه للتفسير بقوله :
هو علم يبحث فيه عن أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية (6)
موضوعه: كلام الله (7) .
الثمرة (فائدته) : التذكر والاعتبار ومعرفة هداية الله في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق ليفوز الأفراد والمجاميع بخير العاجلة والآجلة (.
فضله: قال الأصبهاني : أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن ؛ ذلك أن شرف الصناعة يكون إما بشرف موضوعها أو بشرف غرضها أو بشدة الحاجة إليها ، والتفسير قد حاز الشرف من الجهات الثلاث فموضوعه كلام الله تعالى ، والغرض منه الوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى ، وأما من جهة شدة الحاجة فلأن كل كمال ديني أو دنيوي عاجلي أو آجلي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية ، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى (9) .
وقال الطبري مبيناً فضل هذا العلم : اعلموا عباد الله أن أحق ما صرفت إلى علمه العناية وبلغت في معرفته الغاية ما كان لله في العلم به رضا وللعالم به إلى سبيل الرشد هدى وأن أجمع ذلك لباغيه كتاب الله الذي لا ريب فيه وتنزيله الذي لا مرية فيه الفائز بجزيل الذخر وسنى الأجر تاليه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (10) .
نسبته: وعلم التفسير من العلوم بمنزلة الإنسان من العين والعين من الإنسان (11) .
واضعه: النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أول مفسر لكتاب الله يبين للناس ما نزل على قلبه (12) .
اسمه: علم التفسير وسمي علم التفسير لما فيه من الكشف والتبيين واختص بهذا الاسم دون بقية العلوم مع أنها مشتملة على الكشف والتبيين لأنه لجلالة قدره ، وقصده إلى تبيين مراد الله من كلامه كان كأنه هو التفسير وحده دون ما عداه (13) .
استمداده: من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ (14) .
حكمه : وقد أجمع العلماء أن التفسير من فروض الكفايات وأجل العلوم الثلاثة الشرعية (15) .
نشأة علم التفسير وتطوره :
كان التفسير زمان الصحابة والتابعين يروى ويحفظ في الصدور ثم بعد عصر الصحابة والتابعين دُوّن الحديث الشريف متضمناً التفسير وكان ممن دوّنه: سفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وآخرون .
ثم في أواخر عهد الأمويين بداية عهد العباسيين وضع التفسير لكل آية من القرآن على حسب ترتيب المصحف وتم ذلك على أيدي طائفة من العلماء منهم: ابن ماجه وابن جرير الطبري وغيرهم ومن بعد هؤلاء اختصرت الأسانيد وفي العصر العباسي دُوّن التفسير بالرأي مع التفسير بالمأثور (16) .
أول من دوّنه:
ولا نستطيع أن نُعيِّن بالضبط المفسر الأول الذي فسر القرآن آية آية ودونه على التتابع وحسب ترتيب المصحف ، لكن كانوا طائفة لا نستطيع التحديد بالضبط من هو أول من دوّنه منهم : ابن جرير الطبري وابن ماجه وابن حبان والحاكم (17) .
____________________________________
(1) الإتقان ج2 ص489
(2) لسان العرب حرف الراء فصل الفاء ج5 ص55
(3) المفردات ص381
(4) التفسير والمفسرون ج1 ص14
(5) الإتقان ج2 ص491
(6) مناهل العرفان ج1 ص423
(7) الإتقان ج2 ص496
( مناهل العرفان ج1 ص429
(9) الإتقان ج2 ص496 باختصار
(10) تفسير الطبري ج1 ص5
(11) غرائب القرآن ج1 ص5
(12) الوحي والقرآن لسرحان ص126
(13) مناهل العرفان ج1 ص429
(14) البرهان ج1 ص13
(15) الإتقان ج2 ص495
(16) انظر التفسير والمفسرون ج1 ص140-146
(17) انظر التفسير والمفسرون ج1 ص141-142
المصادر والمراجع
1- الإتقان في علوم القرآن جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي دار إحياء العلوم الطبعة الثانية تحقيق: محمد شريف سكر .
2- البرهان في علوم القرآن بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه الطبعة الثانية تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم .
3- التفسير والمفسرون د. محمد حسين الذهبي .
4- جامع البيان محمد بن جرير الطبري دار المعرفة .
5- غرائب القرآن الحسن بن محمد النيسابوري بهامش تفسير الطبري دار المعرفة .
6- لسان العرب محمد بن مكرم بن منظور دار صادر .
7- مناهل العرفان محمد عبد العظيم الزرقاني دار المعرفة الطبعة الثانية .
8- المفردات الراغب الأصفهاني دار المعرفة – بيروت الطبعة الأولى تحقيق: خليل عيتاني
9- الوحي والقرآن عبد الحميد إبراهيم سرحان الهيئة المصرية العامة .